أعلن المعهد الدولي للصحافة، وهو شبكة عالمية معنية بحقوق الصحفيين ومكونة من كبار الصحفيين والمحررين ومديري الصحف والقنوات الإعلامية حول العالم ومقرها الرئيسي في فيينا، اليوم عن مخاوفه إزاء اختفاء الصحفي المصري محمد اليماني منذ اعتقاله في ديسمبر الماضي.

وحسب ما ذكرت عائلة المختفي قسراً؛ فإن قوات الأمن قامت بمداهمة منزل اليماني في محافظة الجيزة في الثامن من شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي واعتقاله، واستولت على مجموعة من مقتنياته، ضمنها أربعة هواتف وجهازا حاسوب وكاميرا.

وقامت عائلة الصحفي محمد بإبلاغ النائب العام ووزير الداخلية المصريين باختفائه، دون الحصول على أي رد منهما حتى الآن. “ليست لدي أية معلومة عن زوجي حتى الآن ولا أعلم إن كان لا يزال على قيد الحياة أم لا”، قالت السيدة رفيدة حازم زوجة الصحفي المعتقل للمعهد.

وذكرت السيدة حازم أن زوجها قد اتصل بها بعد منتصف الليل من يوم الثامن من شهر ديسمبر/كانون الأول أثناء زيارتها لعائلتها في محافظة أخرى. “أخبَرني زوجي بوجود رجال مباحث أمام منزل الشقة، ونوّه بأنه لا يعرف كيف يتصرف. انقطع الاتصال بعدها فجأة”، قالت حازم.

بعد ساعتين من اتصالها المستمر على رقم جوال زوجها، رد أحد رجال الأمن على زوجة اليماني، وعند سؤالها عن هويته قام بإنهاء المحادثة. و فور وصولها إلى المنزل، أخبرها حارس السكن بحادثة اعتقال زوجها.

“قمنا برفع دعوى إلى محكمة القضاء الإداري قبل أسبوعين بخصوص قضية الصحفي محمد لكن لم نحصل على أي رد إلى الآن”، قال السيد أسامة بيومي محامي اليماني للمعهد. وذكر أنه ليس بوسعه القيام بأية إجراءات قانونية للدفاع عن موكله إذا لم يتم إظهاره أمام مكتب النيابة العامة للمحكمة. ويعتقد بيومي أن اليماني محتجز في إحدى زنازين أمن الدولة غير الرسمية.

“زنازين أمن الدولة هي مقرات سريّة غير رسمية يتم فيها إخفاء المسجونين لفترة غير معلومة دون توثيق سجل لهم”، قال الباحث المصري في قضايا حقوق الإنسان أحمد العطار في مقابلة مع المعهد. وتحدث العطار عن وفاة العديد من المساجين داخل هذه المقرات بعد تعرضهم للضرب والتعذيب، مثلما حدث للناشط الإيطالي جوليو ريجيني الذي تم العثور على جثته داخل حفرة على جانب طريق صحراوي غربي العاصمة المصرية في الثالث من فبرابر/شباط عام ٢٠١٦.

و عمل اليماني محرراً في عدة صحف محلية وعربية من ضمنها جريدة الحرية والعدالة اليومية والتي أغلقت فيما بعد على يد السلطات الانقلابية في مصر في يوليو/تموز عام ٢٠١٣ حسبما ذكر السيد قطب العربي، رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، في مقابلة مع المعهد. وقد قام اليماني بنشر العديد من التقارير في عدة صحف عربية باسم مستعار خشية اعتقاله من قبل السلطات المصرية.

وقد تم اعتقال اليماني أول مرة على يد السلطات المصرية في فبراير/شباط عام ٢٠١٤ بتهمة نشر الأخبار الكاذبة وانضمامه لجماعة محظورة، ليتم إخلاء سبيله بعد أكثر من سنتين في إبريل/نيسان عام ٢٠١٦ على ذمة القضية من قبل محكمة جنايات دمياط مع جميع المعتقلين الذين كانوا معه في نفس القضية.

بعدها بثمانية أشهر وفي يناير/كانون الثاني عام ٢٠١٧ قامت السلطات المصرية باعتقاله مجدداً. لم تعلم عائلته بمكان تواجده أثناء إقامته في مقر الأمن الوطني في مدينة الشيخ زايد بمحافظة الجيزة. وذكرت السيدة حازم أن زوجها تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والتهديدات المتكررة داخل السجن. وقام رجال الأمن بصعق جميع أجزاء بدنه بالكهرباء والاعتداء عليه جسدياً في الأسبوع الأول من حبسه، وظل مكتوف اليدين ومعصوب العينين طوال الفترة التي أمضاها في السجن.

بعد قضاء أربعين يوماً في مقر الأمن الوطني، عُرض اليماني على مكتب النيابة العام في محكمة الجيزة ليتم اتهامه بالانتماء لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة، ليتم ترحيله إلى سجن الجيزة المركزي الذي أُوقف فيه نحو ما يقرب من ثلاثين يوماً. وفي مارس/آذار عام ٢٠١٧ قام مكتب النيابة العامة بالإفراج عنه بعد تسديده لكفالة مالية.

وأكد الأستاذ رافي براساد، رئيس قسم المناصرة والدفاع عن حقوق الصحفيين في المعهد “أن السلطات المصرية استهدفت السيد اليماني عدة مرات على الرغم من أن المحكمة قامت بإطلاق سراحه قبل ذلك مرتين. وأن الاختفاء القسري الذي يتعرض له السيد اليماني أمر يبعث على القلق ونمطٌ ليس بجديد على إدارة السجون التي تقوم باحتجاز المواطنين خارج نطاق القضاء لاستهداف جميع الآراء المعارضة للحكومة. يجب على السلطات المصرية الإفراج عن اليماني فوراً”.

الجدير بالذكر أن السلطات المصرية تقوم بشن حملة قاسية ضد الإعلام المُستقل منذ عام ٢٠١٤، ويقبع الآن أكثر من ٦٠ صحفياً داخل السجون المصرية حسب دراسة قام بها المعهد الدولي للصحافة سابقاً.